تضم النوبة مجموعة كبيرة من المعابد المصرية التى تم تشيدها خلال عصور الدولة الحديثة، والعصرين اليوناني والروماني، كما شيد الملك رمسيس الثاني وحده 7 معابد، منهم 6 معابد على غرب النيل ومعبد على شرق النيل.
وتعد الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة أكبر حملة إنقاذ للتراث الثقافي، من خلال تكاتف وتضامن المجتمع الدولي ومصر ومنظمة اليونسكو للحفاظ على مواقع التراث الثقافي من أجل البشرية، حيث كانت تلك الآثار تحت تهديد ارتفاع منسوب مياه نهر النيل، بعد عملية بناء السد العالي في أسوان.
بدأ العمل بالحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة في مارس 1960م وانتهى في 10 مارس 1980م، من قبل فريق متعدد الجنسيات يضم علماء الآثار والمهندسين ومشغلي المعدات الثقيلة الماهرة، لإنقاذ جميع المعابد المصرية بمنطقة النوبة، وتمت إقامة 4 تجمعات للمعابد، أولها منطقة جزيرة كلابشة، وتضم معبد كلابشة ومعبد جرف حسين ومعبد بيت الوالى ومقصورة قرطاسى.
أما التجمع الثانى كان على بعد 150 كيلومترا جنوب مدينة أسوان، وعلى ضفاف بحيرة ناصر أقيمت منطقة السبوع الجديدة وضمت معابد وادى السبوع والدكة والمحرقة، والتجمع الثالث كان على بعد 190 كيلومترا جنوب مدينة أسوان باسم “منطقة عمدا الجديدة” وضمت معبدي عمدا والدكة ومقبرة بنوت، فيما كان التجمع الرابع هو معبدي أبو سمبل.
التوثيق والإنقاذ والنقل لمعبدي أبوسمبل:
بدأ انقاذ معبدي أبو سمبل في عام 1964 من قبل فريق متعدد الجنسيات من علماء الآثار والمهندسين ومشغلي المعدات، حيث بدأ العمل بتقطيع المعبدين بعناية فائقة إلى كتل كبيرة تصل إلى 30 طنا، بمتوسط 20 طناً، وتم نفلها وأعيد تركيبها مرة أخرى في موقع جديد على ارتفاع 65 متراً، وعلى بعد 200 متر عن سطح مياه البحيرة، في واحدة من أعظم تحديات الهندسة الأثرية في التاريخ.
معبد أبو سمبل الكبير مكرس لعبادة رع حور اختي و بتاح وآمون، أكبر ثلاثة آلهة فى الدولة المصرية فى ذلك الوقت، تتكون واجهة المعبد الكبير على أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني، الواحد منها 20 م. وقد تم تصميم المعبد لتضئ الشمس على وجه تمثال رمسيس الموجود لقدس الاقداس بداخل المعبد في ساعة الشروق.
تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني بأبو سمبل تحدث مرتين كل عام إحداهما يوم 22 فبراير والأخرى يوم 22 أكتوبر.
ويقع إلى الشمال من معبد رمسيس الثاني، المعبد الصغير لزوجته نفرتارى وهما متقابلان لا يفصلهما إلا وادي صغير. وقد استغرق العمل لنقل المعبدين قرابة 6 سنوات، ليعاد تشييدهما في موضع أعلى 64 مترا.
باقي معابد النوبة التي تم إنقاذها بالترتيب حسب بعدها عن محافظة أسوان:
- معبد دابود : يقع على مسافة 20 كيلو متر من جنوب خزان أسوان، وقام ببناءه الملك ” أزخر أمون ” أحد ملوك دولة ” مروي ” على الطراز المصري، كما أضاف إليه فيما بعد الملك ” بطليموس الثالث ”، وبعض أباطرة الرومان من بعده، وهو يتكون من 3 بوابات يتلوها فناء مفتوح ثم ردهتان وينتهي بقدس الأقداس الذي يحوي ” ناووسا ” من الجرانيت.
- معبد قرطاسي : يقع هذا المعبد الصغير على مسافة 45 كيلو متر إلى الجنوب من خزان أسوان، ويعد من أجمل معابد النوبة السفلى، ويرجع إلى العصر الروماني وتهدمت معظم أجزائه في القرن العشرين، ويمتاز بوجود الكثير من التماثيل المنحوتة في بعض أجزائه كما يوجد على مقربة منه حصن روماني لا تزال الجدران المحيطة به قائمة.
- معبد طاقه : وهو يقع بالقرب من ” معبد قرطاسي“ ، وحتى عام 1880 م كان هناك معبدان؛ أختفى أحدهما تماما، وظل الثاني قائما وهوعبارة عن معبد صغير بني على أساس مرتفع.
- معبد كلابشة : هو أكبر المعابد المشيدة في بلاد النوبة السفلى ويبعد عن خزان أسوان حوالي 75 كيلو متر، تم بناءه في عهد الملك ” أمنحتب الثاني ” بالقرن 15 ق.م، وأعاد بناءه فيما بعد الإمبراطور ” أغسطس ” عام 30 ق.م.
ويتكون من بوابة هائلة وفناء مكشوف وبهو للأعمدة وغرفة داخلية، ويحيط بمبنى المعبد من الخارج سور جانبه الأيمن جزء خارجي منحوت في الصخر يؤدي إلى النيل؛ وفي الركن الجنوبي الشرقي من السور يوجد ” بيت الولادة ” الإله إيزيس، كما يوجد سلم يؤدي إلى السطح ومنه إلى مقصورة للإله أوزوريس.
وتوجد معظم الصور الزخرفية في هذه الفناء على الجدران الداخلية للمعبد وعلى واجهة المدخل والجدار الخلفي والغرف الخارجية لبهو الأعمدة المكشوف.
- معبد بيت الوالي : يقع هذا المعبد ناحية الشمال الغربي من معبد ” كلابشة “، وهو أحد المعابد الستة التي نحتها رمسيس الثاني في الصخر ببلاد النوبة، ويتكون من فناء أمامي مشيد من الأحجار، ثم صالة أعمدة وقدس أقداس وكلاهما منحوت في الصخر، وتم تحويل هذا المعبد إلى كنيسة في العصر المسيحي.
- معبد دندور: يقع على الشاطئ الغربي للنيل على بعد 78 كيلومترا إلى الجنوب من أسوان، قام ببناءه الإمبراطور ” أغسطس ” عام 30 ق.م ؛ وهو عبارة عن بوابة رئيسية يليها المعبد، ومن أهم النصوص التي سجلت فوق جدرانه نص مكتوب باللغة القبطية يروي تحويل هذا المعبد إلى كنيسة مسيحية عام 577 م.
- معبد جرف حسين : يقع على بعد 90 كيلومترا إلى الجنوب من أسوان، وهو ثاني معابد الملك رمسيس الثاني المنحوتة في الصخر، ويشبه تصميمه معابد رمسيس الثاني .
- معبد الدكة : يعد من المعابد الكبرى ببلاد النوبة، ويقع على مسافة 107 كيلومترات إلى الجنوب من أسوان، وتم اكتشاف هذا المعبد عام 1963م اثناء نقل طريق الكباش المقدس الخاص بمعبد الدكة ؛ إذا بالمعبد المفقود يبرز كله فجأة تحت الرمال بعد أن ظل مطمورا تحت أحجار معبد الدكة ذاته أكثر من ألفي عام.
وكان تحتمس الثالث كرسه للإله حورس ليحرس الطريق المؤدي إلى مناجم الذهب الموجودة بهذه البقعة، وتحول فيما بعد إلى كنيسة في العصر المسيحي.
- معبد كوبان: تقع هذه القلعة التاريخية على مسافة 110 كيلومترات جنوب الخزان، وأقيمت في عصر الدولة الوسطى لحراسة الطرق المؤدية إلى مناجم الذهب بوادي العلاقي، وقد طغت مياة خزان أسوان على هذه القلعة فتهدمت جدرانها ولم يبق منها إلا أجزاء قليلة من الحجر.
- معبد وادي السبوع: يقع على مسافة 150 كيلو متوا إلى الجنوب من سد أسوان، وهو المعبد الثالث من المعابد التي قام بنحتها الملك “رمسيس الثاني” ببلاد النوبة، وتم تحويلة إلى كنيسة مسيحية وطليت جدرانه بطبقة سميكة من الجص، وهو مزين بكثير من الرسوم اتسمت بالحفاظ على تفاصيلها والوانها الزاهية، من بينها صور للقديس بطرس.
وفي عام 1963م تم العثور على (الفآز) القبطي الذي أستعمل في مراسم التكريس التي حولت هذا المعبد إلى كنيسة مسيحية، مدفونا أمام المذبح المسيحي.
- معبد عمدا: يقع هذا المعبد على مسافة 185 كيلومترا جنوب خزان أسوان، وهو أقدم المعابد القائمة في بلاد النوبة إذ شيده تحتمس الثالث، وأضاف إليه أبنه أمنحوتب الثاني ومن بعده تحتمس الرابع.
كما أمر ستي الأول بترميمه وإصلاحه بعد أن خربه اخناتون عندما خرب كل المعابد التي خضعت لعبادة آمون، وتحول هذا المعبد إلى كنيسة مسيحية طليت جدرانه بالجير الأبيض لإخفاء الصور والنقوش المصرية.
وكان من الصعب تفكيك المعبد إلى أجزاء لنقله“ فتم اتباع نقله نفس طريقة نقل المباني على القضبان كتلة واحدة بعد قيام الحكومة المصرية بتفكيك واجهة المعبد، ليتم نقله لمسافة 2600 متر إلى علو 65 مترا.
- معبد الدر: يقع على مسافة 200 كيلومتر إلى الجنوب من سد أسوان، وهو المعبد الرابع للملك رمسيس الثاني في الصخر.
- قلعة قصر إبريم: تقع القلعة على أرتفاع 200 قدم من سطح النيل، وعلى بعد 35 ميلا شمال أبي سمبل، وهي قلعة ومدفن ومسرح لأحداث 35 قرنا؛ فقد لعبت هذه القلعة دورا كبيرا في العصر الروماني، كما أحتلها السلطان سليم الأول في القرن 16 الميلادي، وبها آثار مسجد تهدمت أجزاءه، وفي سفح الربوة توجد خمسة هياكل صغيرة منحوتة في الصخر بمعرفة بعض حكام النوبة في عصر الدولة الحديثة.
- معبد أبو عوده:يقع هذا المعبد الصغير أمام معبد أبو سمبل، ونحته في الصخر الملك “حورمحب ” أول ملوك الأسرة التاسعة عشر، ويعد أجمل المعابد من الناحية الفنية، ويحتوي على صالة ذات أعمدة تقع على جانبيها حجرتان، وفي نهايتها حجرة ثالثة هي قدس الأقداس، وتم تحويل هذا المعبد إلى كنيسة مسيحية كسيت جدرانها بالجص، ورسم فوقها صورا لبعض القديسين.
- معبد فيلة: هذا يطلق على الجزيرة الصغيرة التي تتوسط النيل وتقع على مسافة أربعة كيلومترات إلى الجنوب من خزان أسوان، وهي عبارة عن جزيرة صخرية من الجرانيت الوردي كسيت على ارتفاعات مختلفة بطمي النيل، وكذلك يطلق على هذه الجزيرة “أنس الوجود ”.
وهي تضم الكثير من المعابد تمثل مختلف العصور؛ أقدمها مقصورة شيدها الملك ” طهرقا ” سنة 700 ق.م، أما المعبد الرئيسي فيرجع بناءه لعصر البطالمه، ومن بعده الأباطرة الرومان، وكل منهم يزيد من أجزاء المعبد .