حظرت الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت، منذ مطلع الشهر الجاري إصدار ترخيص عمل تخص العمال الأجانب الذين بلغوا الستين عاما فما فوق لحملة شهادة المرحلة الثانوية فما دون من شهادات وذلك في إطار جهود الحكومة لتعديل التركيبة السكانية وتقليص نسبة الأجانب إلى 30 في المائة.
أوضاع العمال الأجانب
بدأ المواطن الإيراني زاهد يعقوب البالغ من العمر (65) عاما والذي يقيم بالكويت منذ 40 عاما قضاها بائعا للخضر والفواكه في سوق المباركية وسط العاصمة الكويت في الإعداد للعودة النهائية خلال شهر فبراير المقبل إلى مسقط رأسه أصفهان والتي تبعد نحو 340 كيلومتر جنوبي طهران.
وقال زاهد لوكالة أنباء (شينخوا) إنه لم يختر المغادرة ولكنه أضطر إلى ذلك بعد القرار الجديد الذي اتخذته الكويت ودخل حيز التنفيذ اعتبارا من أول يناير الجاري والذي يمنع الأجانب ممن تتجاوز أعمارهم الستين عاما من تجديد إقامتهم إن كانوا غير حاصلين على شهادات جامعية، مشيرا إلى أنه تزوج وأنجب أربعة أطفال في الكويت وعاش معظم حياته في هذه البلاد التي جاء اليها وهو في سن الخامسة والعشرين.
العمال الأجانب في قطاعات مهنية
ويشمل القرار وفق إحصائيات رسمية للهيئة العامة للقوى العاملة 68318 وافدا، سيجبرون على المغادرة بعد انتهاء إقاماتهم مع نهاية عام 2021 على أقصى تقدير ويعمل عدد من هؤلاء الوافدين المعنيين بالقرار في قطاعات مهنية مثل البناء وتصليح السيارات ونقل العفش والمطاعم .
وقال الكاتب الصحفي عزيز القناعي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن هذا القرار هو أحد الطرق لعلاج أزمة التركيبة السكانية في الكويت، بعد أن ارتفع عدد الوافدين مقارنة بعدد المواطنين، لكنه لفت إلى ضرورة أن تعمل الحكومة على تهيئة الجو المناسب حتى يُقبل المواطنون على ممارسة هذه المهن اليدوية.
وأضاف أن نمط حياة الكويتيين لا يستسيغ الأعمال التي يقوم بها بعض الوافدين مثل الأعمال المهنية البسيطة، لذلك على الحكومة أن تبدأ تدريجيا بإشراك المواطن الكويتي في هذه الأعمال وتشجيعه من خلال بدلات مناسبة لإنجاح خطة الإحلال.
توظيف الكويتيين
وأشار القناعي إلى تقدير الكويتيين لما قدمه العمال الأجانب للبلاد، لكنه أكد أنه حان الوقت لتوظيف الكويتيين الذين ينتظرون في طوابير طويلة للحصول عن وظيفة بعد تخرجهم .
ورحب مواطنون كويتيون بالقرار إذ رأوا فيه بداية لمعالجة التركيبة السكانية، مثلما يقول المواطن الكويتي مبارك العنزي (45 عاما)، الذي أكد لوكالة أنباء (شينخوا) حاجة الكويت إلى تجديد الدماء وفتح الفرص الوظيفية في القطاعين الخاص والعام للشباب الكويتي.
فيما أوضحت خولة الشمري (28 عاما) التي تعمل موظفة في وزارة التربية والتعليم ضرورة تمكين المواطنين من مناصب العمل، مضيفة أثناء حديثها لوكالة أنباء (شينخوا) “بدأت الحكومة بهذا القرار ونأمل أن تشرع سريعا في تكويت الوظائف…أولادنا أثبتوا قدرتهم على العمل في مجالات عدة وعلينا تحفيزهم على العمل في مختلف الوظائف”.
تقييد القطاع الخاص
وفي المقابل اعتبر الاتحاد الكويتي للمطاعم والمقاهي والتجهيزات الغذائية أن هذا القرار يقيد القطاع الخاص في تنظيم عمله.
ولفت رئيس غرفة وتجارة الكويت محمد الصقر إلى أن للقرار انعكاسات سلبية على أنشطة اقتصادية ذات طابع حرفي، على اعتبار أن هناك العديد من المهن ليست بحاجة إلى شهادة جامعية كالمهن الحرفية، ومزاولتها تحتاج خبرة تتراكم بتقدم العمر.
وعلى غرار زاهد، يعتزم آلاف العمال الأجانب ممن لا يحملون شهادات جامعية، مغادرة الكويت خلال الشهور القادمة ويمثّل الأجانب 70 % من عدد سكان الكويت البالغ 4.8 مليون نسمة، أي نحو 3.35 مليون نسمة أجانب، حسبما ذكرت الهيئة العامة للمعلومات المدنية في إحصائيات على موقعها الرسمي.
يذكر أن الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت قد أصدرت القرار الذي ينص على أن ” يحظر إصدار أذن عمل لمن بلغ عمر الستين عاما فما فوق لحملة شهادة المرحلة الثانوية فما دون من شهادات ويعمل بهذا القرار من تاريخ 2021/1/1″.
ولم يعد أمام الفلبينية لين التي تعمل في صالون حلاقة وتقيم في الكويت منذ 15عاما أقل من شهر لتصفية أمورها والعودة إلى بلادها بعد انتهاء إقامتها مطلع فبراير المقبل.
الحاجة للدعم المادي
وقالت لين التي احتفلت بعيد ميلادها الثاني والستين في نوفمبر الماضي إنها تشعر فعلا بالإرهاق بعد سنوات طويلة من العمل ،كانت مجبرة خلالها على البقاء في الكويت ،لحاجة عائلتها للدعم المادي ،في ظل عدم وجود مُعيل لأطفالها الثلاثة بعد وفاة زوجها.
لطالما شكّل اختلال التركيبة السكانية هاجسا بالنسبة للحكومات والبرلمانات المتعاقبة في الكويت ،لكن أزمة مرض فيروس كورونا كشفت خطرا آخر لم يكن في الحسبان ، بعد أن تفشى المرض وسط العمال الأجانب ، بسبب تكدسهم في بنايات هشة، لا تتوفر فيها المرافق الضروروية ،مما دفع رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح إلى الإعلان عن نية الحكومة معالجة هذا الاختلال وتقليص نسبة العمال الأجانب إلى 30 % من عدد سكان البلاد.
اختلال التركيبة السكانية
ويرى الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور في حديثه لوكالة أنباء (شينخوا) أن معالجة اختلال التركيبة السكانية يحتاج إلى تعديل قوانين تتضمن ثغرات تسمح بتكدس العمالة في البلاد بعد انتهاء المشاريع التي يعملون فيها وأبرزها قانون المناقصات الذي يسمح للشركات باستقدام أعداد كبيرة من العمال، تفوق أحيانا الحاجة.
وفي ذروة انتشار مرض كورونا في إبريل الماضي، أطلقت الكويت مبادرة “سافر بأمان” لتشجيع مخالفي قانون الإقامة على تسليم أنفسهم مقابل إعفائهم من دفع الغرامات المترتبة عليهم والتكفل بنفقات سفرهم إلى بلدانهم، ووفق إدارة العلاقات العامة في وزارة الداخلية سمحت هذه المبادرة بترحيل 26225 مخالفا إلى بلدانهم .
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.