ما موقف «حماية المنافسة» من صفقات الدمج والاستحواذ بقطاع المستشفيات؟

يترقب قطاع الرعاية الصحية المحلى صفقة استحواذ ضخمة من جانب مستشفيات كليوباترا على مجموعة ألاميدا الطبية والتى فى حال تنفيذها سيتم خلق كيان ضخم بقيمة تقديرية تقارب 15 مليار جنيه ليضم تحت مظلته الأسماء الأهم والابرز للمستشفيات فى القاهرة الكبرى.

وفى يونيو الماضي، أبدى جهاز حماية المنافسة تحفظه على صفقة الاندماج بين الكيانين، وقال فى بيان وقتها، إن إتمام الصفقة سيترتب عليها وقوع ضرر جسيم على المنافسة، وعلى الفرص الاستثمارية فى هذا القطاع الحيوى والمهم للمواطنين، والتى ينبغى أن تظل تقدم بصورة تنافسية لضمان جودة تقديم الخدمة بأسعار ملائمة، وضمان عدم تأثر خدمات التأمين الطبى وغيرها من الخدمات والأطراف المعنية.

و كشف تقرير صادر عن جهاز المنافسة والأسواق الإنجليزية (CMA) إن عمليات الاندماج بين مستشفيين يقدمان خدماتهما لنفس مناطق التركز السكني، أى متقاربين جغرافيًا، من الممكن أن يؤدى إلى زيادة معدلات الضرر على المرضى، بنسب تصل إلى %41 ممثلة فى ارتفاع معدلات الأخطاء الطبية والعلاجية والوفيات ، ما لم يكن وراء ذلك الاندماج فوائد طبية معينة.

وذكر التقرير الذى صدر عن (CMA) فى بداية عام 2019، والذى – وفقًا لمصادرنا – محتمل أن يستند إليه جهاز حماية المنافسة المصرى عند دراسة مشروع الاستحواذ المحتمل بين شركة كليوباترا وألاميدا القابضة، أنه كلما زاد عدد الكيانات المتنافسة التى تقدم خدمات الرعاية الصحية للمرضى كان أفضل على صعيد جودة الخدمة المقدمة للمرضى، لأن هناك علاقة عكسية -إلى حد ما- بين تركز الخدمات والجودة.

وأفصحت مجموعة مستشفيات كليوباترا مؤخرًا عن دخولها فى اتفاقية مشروطة للاستحواذ على مجموعة ألاميدا هيلث كير جروب، المالكة لمستشفيى السلام الدولى ودار الفؤاد، التى ستعد أكبر صفقة فى تاريخ قطاع الرعاية الصحية فى مصر.

ومن جانبه، شرح خبير دولى فى مجال حماية المنافسة لـ التحرير اليوم أن قياس تأثير عمليات الدمج والاستحواذ فى القطاع الطبى يجب ألا تتم مع اعتبار السوق المصرية كتلة واحدة بكل أنحائها، لأن المريض فى القاهرة لن يلجأ لمستشفى فى الصعيد على سبيل المثال، وإنما يجب قياس الأمر عبر فصل كل منطقة تركز سكنى على حدة وتحديد التأثير المتوقع عليها.

وتابع الخبير الدولى أنه عندما تتم دراسة عمليات الدمج والاستحواذ فى قطاع مثل الحديد والأسمنت أو غيره يمكن فى تلك الحالة القياس على مستوى السوق المحلية ككتلة واحدة بكل أنحائها، نظرًا لإمكانية تنقل البضائع بين المحافظات.

وأضاف أن الوضع مختلف كليًا بالنسبة لقطاع المستشفيات والرعاية الصحية، الذى ينبغى عند دراسة آثار عمليات الدمج والاستحواذ عليه قياس الأمر، وفقًا لطبيعته الخاصة، لأن وجود مستشفى فى كل منطقة تركز سكنى بعد من ضمن الخدمات أو المرافق الخاصة بها، كما أن أى تغيير فى هيكل القطاع يؤثر مباشرة على المرضى.

وقال إنه قد يكون من شأن عملية الاستحواذ أن تؤثر بالسلب على توزيع الكوادر الطبية ذات الكفاءة فى السوق، نظرًا لاحتمال تركزهم فى الكيان الأكبر، ما يؤدى فى النهاية لتراجع كفاءة الخدمات الصحية.

ولفت إلى أن ظهور تكتل صحى كبير فى منطقة ما نتيجة عملية استحواذ او اندماج قد يمثل خللًا بمناخ الاستثمار، لأن هذا يعوق أى شركة جديدة أو قائمة عن المواجهة، كما يقطع الطريق على أى استثمارات جديدة فى القطاع الصحى بنفس النطاق الجغرافى المعني.

وتطرق الخبير للإشارة إلى سير الحكومة المصرية فى تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل، والذى سيتيح الاعتماد على مستشفيات القطاع الخاص بنسبة كبيرة فى تنفيذه، ما يعنى أن ظهور تكتلات أو مؤسسات كبيرة من المستشفيات قد يضعف من القدرة على التسعير المرن أو تتحكم لاحقًا فى مجريات الأمور، فالكيان المنبثق عن الاستحواذ قد يصبح كيانًا اقتصاديًا لا غنى عنه فى تقديم الخدمات الصحية على الأخص لخدمات التأمين الطبي، وهو ما قد يؤثر بالسلب على قدرة شركات التأمين على تقديم عروض تنافسية.

يشار إلى أن ألاميدا شركة إماراتية تمتلك وتدير من خلال شركاتها التابعة مستشفى السلام الدولى فى المعادى، ودار الفؤاد فى 6 أكتوبر، ودار الفؤاد فى مدينة نصر، والسلام فى القطامية التى ستعمل خلال النصف الأول من 2021.

أما مجموعة مستشفيات كليوباترا فتضم فى الوقت الحالى كليوباترا بمصر الجديدة، والنيل بدراوى، والشروق، والقاهرة التخصصى، والكاتب فى الدقى، وكوين.

جدول يوضح التوزيع الجغرافى لمستشفيات كليوباترا والأميدا فى القاهرة الكبرى

إعداد- المال